كنت مشغولا طوال الأيام الماضية بمتابعة تطورات الأحداث وتصاعدها في إيران على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية و ما صاحبها من زلزال يكاد يقوض أسس ودعائم النظام الجمهوري الإسلامي الشيعي هناك، وكنت على وشك أن أكتب في هذا الأمر بالفعل ، إلى أن لفت انتباهي تصريح قرأته صدر على لسان الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.
الدكتور حبيب أكد في تصريحاته بأن الإخوان سيخوضون انتخابات مجلس الشعب المقبلة على المقاعد النسائية، رداً على مزحة الحزب الوطني ومجلسيه الذين أقرا نكتة "الكوتة" النسائية، وأكد حبيب خلال تصريحاته بأن كرامة النساء عند الإخوان خطا أحمر، وسيكون المساس بها وصمة عار تلطخ جبين مصر وتسئ إلى سمعتها وكرامتها، وكأنه يتوقع مما سيحدث لهن!!.
وجاء في الخبر أيضاً عدة أسماء لمرشحات فضليات من نساء الإخوان مثل الدكتورة مكارم الديرى الأستاذة بجامعة الأزهر و جيهان الحلفاوى رئيسة المركز المصرى للدراسات الإسلامية والدكتورة أمانى أبوالفضل عضو هيئة التدريس بجامعة القاهرة.
وبقدر ما هالني الخبر بقدر ما أصابني بغيظ شديد، فيبدو أن بعض قيادات الجماعة لا تزال تصر على المنهج القديم الذي اتضح أنه لن يتغير بشأن المشاركة في العمل السياسي وفق قاعدة "المشاركة لا المغالبة" خوفاً من إثارة حفيظة النظام المصري والحزب الحاكم، وكأن كل ما حدث ويحدث من اعتقالات لم يكف لتغيير وجهة النظر تلك .
وفي الحقيقة لا أدرى إلى متى وكيف سيستمر الإخوان في المشاركة في العملية السياسية في دولة أزيلت منها كافة ضمانات وجود انتخابات حرة بعد أن ألغي الإشراف القضائي على الانتخابات، وصار القائمون على متابعة سير العملية الانتخابية موظفون بسطاء في الحكومة لا يتعدى مرتبهم عدة مئات من الجنيهات ولا يقدرون على دفع أذى ذبابة عن وجوههم في حين سيكون المشرف الفعلي كما هو معتاد السادة ضباط الداخلية وأعضاء الحزب الحاكم، فكيف بالله عليكم يمكن لموظف بسيط أن يتصدى لرجل امن قد يهدد بفعل الأفاعيل به وبأهله ما لم يترك الصندوق نهباً لتزوير فاضح (أرجو العودة إلى وكالات الأنباء العالمية في هذا الشأن!) و إضافة عدد لا بأس به من أوراق الاقتراع المجهزة سلفاً .
كيف سيشارك الإخوان في فضيحة كهذه وعندهم أمل كاذب في أن ينجح واحد منهم وهم من قال السيد رئيس الوزراء عنهم إن نجاحهم في الانتخابات ودخولهم لمجس الشعب غلطة لن تتكرر !! فكيف يمكن بعد ذلك أن يعلن الإخوان بأنهم ماضون في طريقهم وأنهم عازمون على السير فيه مهما حدث !! أي تفكير هذا !!.
وكيف يأمن الإخوان بألا تتعرض النساء المرشحات لعضوية المجلس لما يتهدد سلامتهن بل وكرامتهن، ولنا فيما حدث للسيدة جيهان الحلفاوى حين رشحت تفسها بإحدى دوائر الإسكندرية عبرة حيث اعتقل عدد كبير من أفراد عائلتها بل والقائمون على حملتها الانتخابية !! دعك من هذا ، أفلا نذكر ما حدث للمتظاهرات والصحفيات في الشوارع من ضرب وتحرش جنسي فاضح؟ ألا يعتبرون من سحل وضرب القضاة وأعضاء مجلس الشعب وهم من هم بما لديهم من حصانة لم تمنع عنهم الإهانة؟ ألا يكفي كم البيوت التي يعاني أهلها الأمرين من اعتقال ذويهم وعوائلهم وما يتعرضون له من أفعال يندى لها الجبين لتصدر الكلمات الذهبية المعتادة: هذا هو مصير الدعاة الى الله وهذه هي ضريبة العمل للإسلام، وأن العمل السياسي جزء من الإسلام، و و و ، وينسون أو يتناسون أن خلفية المسلمين عمر بن الخطاب أسقط حداً من حدود الله وهو حد قطع اليد عند السرقة وقت المجاعة ، ولا زلنا نتحدث عن المشاركة في انتخابات مجلس الشعب المزورة والمعروفة نتائجها سلفا ً!! .
وأود أن أذكر في هذا السياق بأني لست أول من يطالب الإخوان بذلك، فهناك العديد من المفكرين الكبار طالبوا بذلك ولعل أهمهم الدكتور محمد سليم العوا والذي دعاالإخوان إلى التوقف عن مباشرة الحقوق السياسية ترشيحا وانتخابا وتصويتا، والتحول تماما عن العمل السياسي فيما يتعلق بممارسة السلطة أو الحصول على جزء منها، إلى ممارسة العمل التوعوي والترشيدي عن طريق إحياء روح النهضة في الجماهير، وإحياء روح مقاومة الظلم والاستبداد
لا يمكن لعاقل يتابع الحياة السياسية في مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة أن ينكر بأن الإخوان قد فقدوا الكثير من رصيدهم بسبب التفاتهم إلى العمل السياسي ومتابعتهم لأخبار أعضاء مجلس الشعب من الإخوان أو من غيرهم أكثر من اهتمامهم بالعمل الدعوي والذي تراجعت نتائجه بشدة في مصر اللهم إلا من زيادة عدد المحجبات في الشوارع .. فقط !!.
كما أن مشاركة الإخوان في العمل السياسي والنزول إلى الشارع أصبح يعرضهم هم وحدهم لعصا السلطة الأمنية الغليظة، في حين أنك تجد أن باقي الأحزاب التي أضفى عليها الحزب الحاكم نعمته بمنحها صفة الشرعية لا يجرؤ قادتها أو أعضاءها على النزول إلى الشارع والتعبير عن الرأي على الملأ دون خوف ، فيما هم يؤكدون للأخوان بأنهم معهم ويساندونهم ولكن إذا ما وقعت الواقعة هرب الجميع إلى الجحور وبقي الإخوان وحدهم يتلقون الضربات والعقاب .. أي أنهم يدعمون وقفات واحتجاجات الإخوان حتى آخر رجل من .. الإخوان! فهل يصح أن يفكر الإخوان بمشاركة مثل هؤلاء في عمل سياسي وهم يحاولون عقد الاتفاقات مع الحزب الحاكم لضمان عدة مقاعد في انتخابات 2010 والانصياع لشرط عدم التعاون بأي شكل مع الإخوان للفوز بالكعكة؟
كنت قد قرأت منذ فترة دراسة في غاية الأهمية والخطورة صدرت عن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام وأعدها الباحث اللامع د. رفيق حبيب والباحث المخضرم د. عمرو الشوبكي والدكتور وحيد عبد المجيد وغيرهم بعنوان "أزمة الإخوان المسلمين" تناولت بالتحليل الرؤية للمستقبل السياسي لجماعة الإخوان، وشرح إشكالية العمل الدعوي والسياسي لديهم وغيرها من الموضوعات الهامة .
وخلصت الدراسة إلى أن الجماعة لا يمكن أن يتم محوها من على الأرض بعد كل هذه السنوات والدماء والتضحيات التي بذلت، ولكن لا يمكن أيضاً تصور أن يتضخم حجمها ودورها السياسي إلى حد يهدد وجود السلطة في قبضة الحزب الحاكم فكان لابد من إنهاكهم وإضعافهم باعتقالات مستمرة ومحاكمات عسكرية غير شرعية وإدخالهم في معارك جانبية تستنزف الوقت والجهد وإبقائهم تحت ضغط مستمر لا ينتهي، ساعد على ذلك فكر قديم متحجر جامد لم يستطع أن يتطور مع الزمن ولا أن يواكب تطور المجتمع المصري خلال السنوات الماضية، بل ولا يستطيع ان يتفاعل مع شباب الجماعة وأفكارهم التي تتقد حماساً وتطوراً، حتى إنك لتشعر وكأن هذه المجموعة التي تقود دفة الجماعة تتخيل نفسها في ستينيات القرن الماضي !! بل إن هذه المجموعة قد وصلت إلى حد تهميش شخصيات ذات ثقل واحترام كبيرين ليس بين الإخوان فقط ولكن حتى بين صفوف قيادات الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى مثل الدكتور عضام العريان أو الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح .
اعتقد أنه آن الأوان فعلياً للإخوان أن يبتعدوا عن السياسة بعد أن جرفتهم بعيداً عن أهدافهم التي تأسست الجماعة عليها، وأن يعتنوا بصورة أكبر بالعمل الاجتماعي ومحاولة تقويم الأخلاق التي انهارت في مجتمعنا حتى اكتفينا من الإسلام ببعض مظاهره، وأن يعلنوا على الملأ بأن المناخ العام في مصر لا يسمح بعمل سياسي حقيقي وأنهم سيعتزلون العمل السياسي وأنهم سيعنون بصفة أساسية في المستقبل بالعمل الديني الدعوي والاجتماعي فقط، أو أن يقوموا بفصل العمل السياسي عن الدعوي كما هو حادث في عدد من البلدان مثل الأردن والمغرب وليتحمل من يريد العمل في السياسية بمصر كافة العواقب نتيجة هذا الخيار الذي اختاره بنفسه!.
لدينا العشرات من المشكلات التي تحتاج إلى جهود الإخوان بما يتميزون به من دقة في العمل والتنظيم، فهل يعجز الاخوان عن تبني مشروع لتنظيف القاهرة من القمامة وتجميل العاصمة؟ هل يعجزون عن تقديم الدروس والمساعدات المجانية لطلبة الشهادات العامة بدلا من سفاحي الدروس الخصوصية ؟ هناك العشرات من المشروعات يمكنها ان تستوعب طاقات فريدة وكامنة لدى الإخوان، ولكنها للأسف لا تستغل الا العمل السياسي فقط .. وطالما ظل هذا هو النهج المعتمد لديهم، فليبشروا بمزيد من التضييق والاعتقال والمحاكمات.. إضافة إلى فقدان ثقة الشارع المصري فيهم والتشكيك في حقيقة نواياهم
أأحمد ماهر حفنى
واله أنا بكــــــــره الاخوان مووووت
وكفايه بقى عشان هما اللى خاربين البلد
((يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم)) هما دول الاخوان الشياطين