القاعدة الثامنة: التسميع الدائم:
يجب على الحافظ ألا يعتمد على حفظه بمفرده، بل يجب أن يعرض حفظه دائماً على حافظ آخر، أو متابع في المصحف، حبذا لو كان هذا مع حافظ متقن، وذلك حتى ينبه الحافظ بما يمكن أن يدخل في القراءة من خطأ، وما يمكن أن يكون مريد الحفظ قد نسيه من القراءة وردده دون وعي، فكثير ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ، ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر في المصحف لأن القراءة كثيراً ما تسبق النظر، فينظر مريد الحفظ المصحف ولا يرى بنفسه موضع الخطأ من قراءته، ولذلك فيكون تسميعه القرآن لغيره وسيلة لاستدراك هذه الأخطاء، وتنبيهاً دائماً لذهنه وحفظه.
القاعدة التاسعة: المتابعة الدائمة:
يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من الشعر أو النثر، وذلك أن القرآن سريع الهروب من الذهن، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها] (متفق عليه)
فلا يكاد حافظ القرآن يتركه قليلاً حتى يهرب منه القرآن وينساه سريعاً، ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت] (متفق عليه) وقال أيضاً: [تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً من الإبل في عقلها] (متفق عليه)
وهذا يعني أنه يجب على حافظ القرآن أن يكون له ورد دائم أقله جزء من الثلاثين جزءاً من القرآن كل يوم، وأكثره قراءة عشرة أجزاء لقوله صلى الله عليه وسلم: [لا يفقه القرآن في أقل من ثلاث] (رواه أبو داود بهذا اللفظ، وأصله في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو)
وبهذه المتابعة الدائمة، والرعاية المستمرة يستمر الحفظ ويبقى، ومن غيرها يتفلت القرآن.
القاعدة العاشرة: العناية بالمتشابهات:
القرآن متشابه في معانيه وألفاظه وآياته. قال تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}.
وإذا كان القرآن فيه نحواً من ستة آلاف آية ونيف فإن هناك نحواً من ألفي آية فيها تشابه بوجه ما قد يصل أحياناً حد التطابق أو الاختلاف في حرف واحد، أو كلمة واحدة أو اثنتين أو أكثر.
لذلك يجب على قارئ القرآن المجيد أن يعتني عناية خاصة بالمتشابهات من الآيات، ونعني بالتشابه هنا التشابه اللفظي، وعلى مدى العناية بهذا المتشابه تكون إجادة الحفظ، ويمكن الاستعانة على ذلك بكثرة الاطلاع في الكتب التي اهتمت بهذا النوع من الآيات المتشابهة ومن اشهرها:
1) درة التنزيل وغرة التأويل – بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز – للخطيب الإسكافي.
2) أسرار التكرار في القرآن – لمحمود بن حمزة بن نصر الكرماني.
القاعدة الحادية عشر: اغتنم سني الحفظ الذهبية:
الموفق حتماً من اغتنم سنوات الحفظ الذهبية من سن الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريباً فالإنسان في هذه السن تكون حافظته جيدة جداً بل هي سنوات الحفظ الذهبية فدون الخامسة يكون الإنسان دون ذلك وبعد الثالثة والعشرون تقريباً يبدأ الخط البياني للحفظ بالهبوط ويبدأ خط الفهم والاستيعاب في الصعود، وعلى الإنسان أن يستغل سنوات الحفظ الذهبية في حفظ كتاب الله أو ما استطاع من ذلك. والحفظ في هذا السن يكون سريعاً جداً، والنسيان يكون بطيئاً جداً بعكس ما وراء ذلك حيث يحفظ الإنسان ببطء وصعوبة، وينسى بسرعة كبيرة ولذلك صدق من قال: "الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء"..
فعلينا أن نغتنم سنوات الحفظ الذهبية، إن لم يكن في أنفسنا ففي أبنائنا وبناتنا.
********