- غض البصر:
لا شك أن مما يدفع إلى الوقوع في مصيدة هذه العادة تعدد الصور المخزونة في الذاكرة والمحفورة في الذهن من جراء الإكثار من النظر إلى ما حرم الله من الصور الفاتنة، سواءً كانت حيةً في عالم الواقع أو مطبوعةً في مجلة أو متحركةً في فيلم لامرأةٍ أو أمردٍ ونحو ذلك ، وتكرار النظر يؤدي إلى ترسيخ الصورة في الذهن وتعلق القلب بها، وترَسُّخها يؤدي إلى سهولة استدعائها، وسهولة استدعائها تؤدي إلى تخيلها بوضع معين تثور معه الشهوة ويصاب مريض القلب بالقلق الشديد فيندفع إلى التنفيس بممارسة هذه العادة .
ولو عالج المتساهل في النظر نفسه من النظرة الأولى لسَهُلَ الأمر، ولكن إطلاق البصر يُورد المهالك ويُورث الحسرات ، فلا هو قادر على نيل بغيته، ولا هو بمستطيع نسيان ما ركز فيه بصره، فيتردد بين نوعين من العذاب الأليم، وإذا كان الحال عند أهل السوء ممارسة تلك العادة أمام فيلم أو صورة فإن بعض من تَدَيَّنُواْ تُطاردهم أشباح الصور التي كانوا ينظرون إليها في جاهليتهم، وكذا ما يرونه من صور في فترات ضعف إيماني وفتور يتخلل تدينهم فتهيج لديهم أنواعاً من المثيرات الدافعة لارتكاب هذه العادة .
ومن أجل ذلك كان التركيز في الشريعة على غض البصر كبيراً ومن وسائل ذلك :
v امتثال أمر الله تعالى لما قال : ) قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ( -النور 30-
v استحضار سعة علم الله تعالى ، وأنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
قال ابن عباس t : هو الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة، فيُريهم أنه يغض بصره عنها، فإن رأى منهم غفلة نظر إليها، فإن خاف أن يفطنوا إليه غض بصره، وقد اطَّلع الله عز وجل من قلبه أنه يود لو أنه نظر إلى عورتها .
v أن يعلم الناظر أن الإثم في النظرة الثانية، لحديث علي t مرفوعاً : " لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة " ] رواه الإمام أحمد 5/353 وهو في صحيح الجامع 7953
v أن يعلم الإنسان شهادة عينه عليه يوم القيامة بما ينظر بها إلى الحرام، وهذا نوع من الزنا، قال r : " العينان زناهما النظر " [ رواه مسلم ترتيب عبد الباقي ص 2047 ] .
v الاقتداء بالسلف الصالح، وحالهم العجيب في هذا الأمر .
عن سفيان قال : كان الربيع بن خثيم يغض بصره، فمر به النسوة فأطرق حتى ظن النسوة
أنه أعمى، فتعوذن بالله من العمى .
ولما خرج سفيان إلى صلاة العيد قال : إن أول ما نبدأ به يومنا هذا غض أبصارنا .
v الابتعاد عن الأماكن التي يوجد فيها ما يغري البصر بالانطلاق يميناً وشمالاً، والتحفظ الشديد من ذلك ما أمكن، كالأسواق والمنتزهات والشواطيء والطائرات وأبواب مدارس البنات وصالات الأعراس، وكذا أغلفة المجلات في المحلات والأفلام المعروضة على الشاشات، فإنه لا معنى لأن يعرض المسلم نفسه لمواطن الفتن ثم يحاول غض بصره فأنّى يكون له النجاح . ولابد من التذكير بالتخلص من جميع المقتنيات المحرمة كالصور والأفلام وغيرها من مخلفات الجاهلية، والمسلم ينبغي أن يخلع على عتبة الإسلام كل تلك الأردية الرديئة .
v الاستئذان عند الدخول حتى لا تقع عينه على ما لا يجوز له النظر إليه كما قال r : " إنما جُعل الاستئذان من أجل البصر " [ رواه البخاري، فتح الباري 11/24 ] [ مزيد من التفصيل في الموضوع كان في محاضرة بعنوان لا تتبع النظرة النظرة ]