الاستغاثة لنصرة الحق يأهل ميت حبيب مدير الموقع
الاستغاثة هي طلب النصرة والعون عند الشدة أو الكرب فيستغيث الإنسان طالباً النصر والعون ممن يستغيث به.
وأول أنواع الاستغاثة وأهمها الاستغاثة بالله سبحانه وتعالي. بأن يستغيث العبد بربه عند نزول شدة من الشدائد أو يستغيث الجيش أو القائد بربه عند لقاء الأعداء في الجهاد طالباً من ربه جل شأنه النصر والتأييد. ومن هذا النوع قول الله سبحانه وتعالي : "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" وما جعله الله إلا بشري ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم" الأنفال: .109
ومن ذلك أيضاً استغاثة سيدنا نوح عليه السلام بربه سبحانه كما جاء في القرآن الكريم: "ونوحاً إذ نادي من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم. ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين" الأنبياء: .7776
ومن هذه الاستغاثة: استغاثة سيدنا أيوب عليه السلام عندما أصابه البلاء في ماله وولده وجسده فابتلي في ذلك كله وذهب عنه وكما جاء في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم : "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل".
وفي حديث آخر: "يبتلي الرجل علي قدر دينه. فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه" وكان سيدنا أيوب عليه السلام في أعلي أنواع الصبر. حتي أصبح يضرب به المثل في الصبر.
وعندما استغاث بالله تعالي وناداه استجاب الله له وأغاثه قال الله تعالي: "وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكري للعابدين" الأنبياء: .8483
ومن الاستغاثات التي وردت في القرآن الكريم استغاثة ذي النون وهو سيدنا يونس عليه السلام. فقد بعثه الله تعالي إلي أهل نينوي وهي قرية من أرض الموصل فدعاهم إلي الله فلم يستجيبوا وظلوا علي كفرهم وغيهم. فخرج مغاضباً لهم ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث. فخرج القوم إلي الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ثم تضرعوا إلي الله فرفع الله عنهم العذاب. قال الله تعالي: "فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلي حين" يونس:98 وذهب يونس عليه السلام فركب مع قوم في سفينة فلججت بهم وخافوا أن يغرقوا فأجروا القرعة بينهم أن يلقوا منهم رجلاً يتخففون منه فوقعت القرعة علي يونس ثلاث مرات قال تعالي: "فساهم فكان من المدحضين" أي وقعت عليه القرعة فقام يونس ثم ألقي نفسه في البحر فأرسل الله حوتاً يشق البحر حتي جاءه فالتقم يونس. وأوحي الله إلي الحوت ألا يأكل لحمه قال تعالي: "وذا النون" أي صاحب الحوت "إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه" أي نضيق عليه في بطن الحوت وجاء هذا الفعل بمعني التضييق في قوله تعالي: "فقدر عليه رزقه" أي ضيق عليه "فنادي في الظلمات" هي ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل "أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" قال عليه والسلام: "دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له". "فاستجبنا له ونجيناه من الغم" أي أخرجه الله من بطن الحوت من تلك الظلمات "وكذلك ننجي المؤمنين" أي ينجي الله المؤمنين إذا وقعوا في الشدائد أو حلت بهم الكرب ودعوا ربهم ولا سيما بهذا الدعاء في حال البلاء.
وروي ابن جرير عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "اسم الله الذي إذا دُعي به أجاب. وإذا سُئل به أعطي دعوة يونس بن متَّي" قال: قلت: يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: هي ليونس بن متَّي خاصة ولجماعة المؤمنين عامة. إذا دعوا بها. ألم تسمع قول الله عز وجل : "فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين" فهو شرط من الله لمن دعاه به.
ومن الاستغاثة في القرآن قول الله تعالي: "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" الأنفال:..9 حيث استغاث الرسول صلي الله عليه وسلم والمؤمنون في غزوة بدر الكبري فأغاثهم الله سبحانه وتعالي.
ومن أنواع الاستغاثة ما كان الصحابة يقومون به حين تواجههم شدة أو أمر فيه حرج فيلجأون إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فيكرم الله تعالي رسوله صلوات الله وسلامه عليه ببعض المعجزات التي يكون فيها الفرج ومن ذلك ما جاء عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه أخبر أن أباه توفي وترك عليه ثلاثي وسقا لرجل من اليهود. فاستنظره جابر. فأبي أن ينظره فكلم جابر رسول الله صلي الله عليه وسلم ليشفع له إليه. فجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم فكلم اليهودي ليأخذ تمر نخله بالتي له فأبي. فدخل رسول الله صلي الله عليه وسلم فمشي فيها. ثم قال لجابر: جُدَّ فأوف له الذي له فجدَّه أي قطعه بعدما رجع رسول الله صلي الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقا. وفضلت له سبعة عشر وسقا. فجاء جابر رسول الله صلي الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان فوجده يصلي العصر. فلما انصرف أخبره بالفضل فقال: "أخبر ذلك ابن الخطاب" فذهب جابر إلي عمر فأخبره فقال له عمر: لقد علمت حين مشي فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم ليباركنّ فيه". وهكذا أغاث الله تعالي بهذه المعجزة النبوية التي كثُر بها محصول النخل. فضلاً من الله. وإغاثة لجابر بن عبدالله علي يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم.
ومن الإغاثة ما كان الله تعالي يجيب علي الفور دعاء رسول الله صلي الله عليه وسلم بالإغاثة. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إن رجلاً دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء. ورسول الله صلي الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم قائماً ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال. وانقطعت السبل فادع الله يغثنا. قال: فرفع رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال: "اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا" قال أنس: ولا والله ما نري في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بين ولا دار. قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتاً قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلي الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلي الله عليه وسلم يديه ثم قال: "اللهم حوالينا ولا علينا اللهم علي الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس".
وهناك نوع من الإغاثة يدخل في باب التعاون وقضاء حوائج المحتاجين وتفريج الكرب عن المكروبين. وهذا النوع يكون علي سبيل المثال عندما يستغيث غريق بالناس لينقذوه أو يستغيث مظلوم من ظالم فيقف الناس بجوار المظلوم حتي يأخذ حقه. أو يستغيث مريض بطبيب لينقذ حياته من مرض إلي غير ذلك من الأنواع.
قال عليه الصلاة والسلام: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته. ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة".
ومن أغاث مظلوماً وثبت له حقه. ثبت الله قدميه علي الصراط. فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "من مشي مع مظلوم حتي يثبت له حقه ثبت الله قدميه علي الصراط يوم تزل الأقدام".