الكابتن Admin
عدد الرسائل : 693 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 01/02/2009
| موضوع: فقه الخطبة السبت مارس 07, 2009 8:00 am | |
| الهدي النبوي في الخطبة أيها الإخوة الأفاضل رواد المنابر وفرسانها، حري بنا ونحن نردد كل جمعة: وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، أن نكون أول من يتأسى به في كل كبيرة وصغيرة، سيما خطبة الجمعة. والنقاط التي بين يديك تذكرة مختصرة قطفها إخوانك في المنبر من "زاد المعاد من هدي خير العباد" لابن القيم، بتصرف وزيادات يسيرة (1/ 186-191 و 364-440)
كان صلى الله عليه وسلم ينتظر اجتماع الناس، ثم يخرج إليهم ويسلم. ثم يتوجه إلى المنبر، وكان منبره ثلاث درجات. وكان في جانب المسجد الغربي قريباً من الحائظ. فإذا صعد المنبر استقبل الناس وسلّم عليهم. ثم يجلس فيشرع بلال في الأذان. فإذا فرغ بلال من الأذان شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخطبة من غير فصل (أي بين الأذان والخطبة). فيقوم ويستقبل الناس بوجهه. ويستفتح الخطبة بحمد الله تعالى، والثناء عليه بما هو أهله. ويتشهد فيها بكلمة الشهادة، ويشير بالسبابة. ويقول: أما بعد. وكانت تحمرّ عيناه. ويعلو صوته. ويشتد غضبه، كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم. ويكثر من ذكر الله عز وجل. وينتقي جوامع الكلم. فيعلمّهم قواعد الإسلام، ويذكر الجنة والنار، ويأمر بتقوى الله تعالى، ويُبيّن موارد غضبه، ومواقع رضاه. ويخطب أحياناً بالقرآن، فيقرأ سورة (ق) ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم كان يرتلها، على كثرة ما قرأها على المنبر. وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم. وكان يأمر وينهى ويعلم أثناء الخطبة إذا عرض ما يقتضي ذلك. وكان يقطع الخطبة لحاجة تعرض له. وكان يدعو الرجل باسمه في خطبته. وكان يشير بالسبابة عند ذكر الله تعالى ودعائه. ويستسقي إذا قحط المطر, ويرفع يديه. وكان يختم خطبته بالاستغفار. فإذا انتهى من الخطبة الأولى جلس جلسة خفيفة ثم يقوم فيخطب الخطبة الثانية. {ولم يصح أنه كان يخطب خطبتين في غيرخطبة الجمعة، وقياس خطبة العيدين على الجمعة، لا وجه له}. وكان يُقصر الخطبة غالباً، ويطيلها أحياناً بحسب حاجة الناس. فإذا فرغ من الخطبة الثانية نزل فصلى بالناس. وكان يطيل الصلاة، فيقرأ بسبّح والغاشية، أو بالجمعة والمنافقون، ولم ينقل عنه أنه قرأ بغير ما ذكر. فتنبه والزم غرزه تهتدي. فإذا فرغ من الصلاة دخل بيته وصلى ركعتين. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليما كثيرا
كان صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً : وهذا القيام مذكور في كتاب الله تبارك وتعالى ، قال الله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً إنفضوا اليها وتركوك قائماً .. }1 ، أي على المنبر تخطب ، هكذا ذكره غير واحد من التابعين منهم: أبو العالية، والحسن، وزيد بن أسلم، وقتادة . وقال ابن كثير : وفي قوله: {وتركوك قائماً} دليل على أن الإمام يخطب قائماً2، وسبب نزول هذه الآية مارواه سالم بن أبي الجعد، عن جابر قال: قدمت عير مرة المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فخرج الناس وبقي إثنا عشر رجلاً، فنزلت {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً}3، ورواية مسلم صريحة في قيام النبي صلى الله عليه وسلم : فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة، فجاءت عير من الشام، فأنتقل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً ، فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة {وإذا رأوا تجارة أو لهواً إنفضوا إليها وتركوك قائماً}4 . وفي لفظ آخر للحديث عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: بينما النبي يخطب يوم الجمعة، وقدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لايبقى منكم أحد لسال بكم الوادي النار)) فنزلت هذه الآية {وإذا رأوا تجارة .... الآية}5. وقد إشتد إنكار السلف على من يخطب قاعداً: فعن أبي عبيدة عن كعب بن عجرة رضي الله عنه : أنه دخل المسجد وعبدالرحمن بن أم الحكم يخطب قاعداً ، فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً، وقال الله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً}6 .
1 - سورة الجمعة ، من الآية رقم (11) . 2 - تفسير القرآن العظيم (4/367) . 3 - رواه البخاري (كتاب الجمعة-باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة –1/166)، ومسلم (كتابالجمعة –باب في قوله تعالى (وإذا رأوا) –2/590) عن جابر . 4 - رواه مسلم (كتاب الجمعة-باب في قوله تعالى {واذا رأوا} –2/590} . 5 - حديث صحيح ، رواه أبو يعلي (3/468 ، 469) . 6 - رواه مسلم (كتاب الجمعة-باب في قوله تعالى{ واذا رأوا} –2/591) .
وكان صلى الله عليه وسلم يخطب على منبر: أصل كلمة (المنبر) : نبر الشيء رفعه ، وبابه (ضرب) ومنه سمي (المنبر) لإرتفاعه7 . ما قبل إتخاذ المنبر: كان صلى الله عليه وسلم يخطب مستنداً إلى جذع شجرة قبل أن يتخذ منبراً، ودليل ذلك مارواه البخاري في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله قال: ((كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه))8، قال الخطابي رحمه الله تعالى : العشار : الحوامل من الإبل التي قاربت الولادة9 . كان الحسن رحمه الله تعالى إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال: يا عبادالله الخشبة تحن إلى رسول الله شوقاً إليه لمكانه من الله صلى الله عليه وسلم ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه10 . أصل صنع المنبر ، وصانعه ، ومم صنع : الأصل في صنع المنبر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بصنعه ، وصنعه له غلام صحابية وصنع من طرفاء الغابة ودليل ذلك: حديث أبي حازم بن دينا: أن رجالاً أتوا سهل بن سعد الساعدي وقد أمتروا في المنبر مم عوده؟ فسألوه عن ذلك ؟ فقال: والله إني لأعرف مماهو، ولقد رأيته أول يوم وضع وأول يوم جلس عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فلانة- امرأة قد سماها سهل- مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوداً أجلس عليهن إذا كلمت الناس ، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بها فوضعت هاهنا، ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها، وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقري فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ، ولتعلموا صلاتي 11. (والطرفاء) هو الأثل ، نوع من الشجر ، (والغابة) أصلها كل شجرة ملتف والمراد بها هنا: موضع من عوالي المدينة جهة الشام، وقوله الراوي: (فوضعت) أنث لإرادة الأعواد والدرجات، وقوله (فسجد في أصل المنبر) أي على الأرض إلى جنب الدرجة السفلى منه 12 .
7 - مختار الصحاح (642) يتصرف . 8 - البخاري (كتاب الجمعة-باب الخطبة على المنبر-2/398) . 9 - أعلام الحديث (1/582) . 10 - رواه أبو يعلي (5/143) . 11 - رواه البخاري (كتاب الجمعة-باب الخطبة على المنبر-2/397) . 12 - فتح الباري (2/399 ، 400) . عدد درجات المنبر: منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو ثلاث درجات ، فكان صلى الله عليه وسلم يخطب على الثانية ويجلس على الثالثة ، ودليل ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مطول فيه: ((فصنع له منبر له درجتان ويقعد على الثالثة))13 . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله ....) ، وقال ابن النجار : إستمر على ذلك إلا ما أصلح منه إلى أن أحترق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، فأحترق ثم جدد المظفر صاحب اليمن سنة ست وخمسين منبراًثم أرسل الظاهر بيبرس بعد عشر سنين منبراً، فأزيل منبر المظفر، فلم يزل ذلك إلى هذا العصر، فأرسل الملك لمؤيد سنة عشرين وثمانمائة منبراً جديداً ...)14 .
13 - حسن لغيره رواه الدارمي (1/25) وابو يعلي (5/142) وأنظر أخبار مدينة الرسول (ص81) . 14 - فتح الباري(2/399) وأخبار مدينة الرسول (80 – 82) .
التنبيه على مخالفة الناس هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في صنع المنبر: وهكذا كان منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث درجات يقف رسول الله عليه الصلاة والسلام على درجتين منها، فيخطب الناس، فلم يكن هناك تكلف في صنعه ولامبالغة في إظهاره على خلاف مانراه اليوم من مظاهر التكليف والمباهاة والمبالغة في صنع (المنبر) فنرى منابر مرتفعة بدرجات كثيرةوهذا مع مافيه من مخالفة ماكان عليه منبر رسول الله فيه مشقة على الجالسين حين يرغبون في تطبيق سنة الإلتفاف إلى الإمام بالوجوه كما كانت عادة الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .وكذا من الغربة في المنابر تطويلها، حتى يؤدي طولها إلى قطع الصفوف الأولى للمصلين وقد قال صلى الله عليه وسلم : ((من وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله عز وجل)) 15 .
15 - صحيح ، رواه النسائي (كتاب الإمامة – باب من وصل صفاً – 2/93) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
| |
|