الخوف من غير الله تعالى!
ومن أعظم موانع الالتزام لدى الكثيرين: الخوف من غير الله تعالى وذلك أن العالم كله يتهم الملتزمين بأنهم متطرفون وإرهابيون ويشيعون ذلك ويصورون حياتهم على أنها نكد وشقاء وتعاسة فضلاً عما يعدونه لهم من كيد ومكر... يصورون للإنسان أنك إذا التزمت فلابد أن تكون يومًا من الأيام من المسجونين أو من المعذبين المضطهدين أو نحو ذلك من أنواع البلايا والمحن التي يتعرض لها أهل الالتزام ولن تجد عملاً، ولن تجد مالاً، فضلاً عن الشقاء الذي تشقاه نفسك... عوامل إزالة هذا الخوف!
تأكد أن هذا كله من الحواجز الوهمية.
أولاً: لابد أن تعمق الخوف من الله I، وتعلم أن الدنيا كلها كطيف أو كحلم يأتيك في المنام توشك أن تستيقظ منه والدنيا يوم والآخرة هي اليوم الآخر وأنت نصيبك من الدنيا سنواتٌ معدودة فإذا كانت الدنيا من أولها إلى آخرها يومًا وتأمل كم بقي الناس على وجه الأرض منذ بدء الخليقة؟ مئات الآلاف من السنين أو أكثر الله أعلم لكن نصيبك أنت من الحياة ستون أو سبعون سنة الله أعلم ولو بقي الواحد منا إلى هذا العمر لبقي ضعيف البدن تأتيه أمراض الشيخوخة والضعف فمن أجل هذه الدنيا تخاف الناس ولا تخاف من الله U.
قال الله I: } { (آل عمران/175) ثم تأكد أن الالتزام فيه الراحة والسكون والطمأنينة قال تعالى: } (الشرح/1). وأنت نصيبك من الانشراح بقدر اتباعه r، والانشراح في الصدر يغنيك عن سعة المكان والرضا بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ r يذيقك حلاوة الإيمان، يجعل الله لك فرجًا ومخرجًا من كل ضيقٍ وهم. قال ابن تيمية رحمه الله: «ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي معي بستاني في صدري إن قتلي شهادة ونفيي سياحة وسجني خلوة وتعذيبي جهاد في سبيل الله» سبحان الله فالله I جعل السعادة في طاعته وجعل الشقاء في معصيته، تذكر قوله تعالى: } { (يوسف/64). الله يحفظك ويحوطك ويحميك ويدفع عنك الأذى فوالله كم جرب المؤمنون من دفاع الله U عنهم وحفظه لهم كما قال النبي r لابن عباس t: «يَا غُلاَمُ إِنِّى أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ». إذا حفظت حدود الله حفظك الله I ورفعك ورزقك من فضله فالأرزاق بيد الله لا بيد الناس إذا اتقيت الله جعل لك مخرجًا } (الطلاق2‑3). قال الله U في الحديث القدسي: «يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِى أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَلأْتُ صَدْرَكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ». إذًا ما خوفوك بشيء من دون الله تذكر قول الله } { (الزمر/36). من خاف من غير الله فقد أضله الله فلا تخف غير الله لأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
فالسعادة في طاعة الله والرزق في تقواه والسعة والسكينة في ذكره U } { (الرعد/28).وهذه الأمور كما أنها في كتاب الله فقد جربها أهل الإيمان عبر العصور وسعادة الإنسان حين يتقرب من الله لا تدانيها سعادة تأكد من ذلك وأقبل فقد سبقك سابقون إلى الله I ومضوا فادعُ الله أن يجعلك معهم اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت. لا طاعة لمخلوق في ترك الالتزام
من موانع الالتزام عند الكثيرين من يأمره بعدم الالتزام ممن له عليه حق الطاعة كأبيه وأمه يحذرونه من الالتزام أو من أقاربه أو أستاذه وكل منهم يقول له لا تلتزم سوف تضيع! ابتعد عن هؤلاء وعند كثير من هؤلاء لو ذهب ابنهم إلى أماكن الفساد والفجور بل لو زنا وشرب الخمر لكان أهون عليهم من أن يذهب إلى المسجد! وهذا من انتكاس القلوب والعياذ بالله ومن فساد التصور ومن العقيدة المضلة الضالة التي أضلهم بها إبليس ونقرر أولاً في علاج هذا المانع وفي إزالة هذه العقيدة قول النبي r:«إنما الطاعة في المعروف» وقوله: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» كما قال الله I عن الوالدين أعظم الناس حقًا على الإنسان بعد ربه Y وبعد النبي r } { (لقمان/15). وهذا هو السبيل الذي يجب أن تسلكه تحسن إليهما في غير معصية الله وتقضي لهما حاجتهما في غير معصية الله حتى تكون أحب إليهما من كل أحد!.
فوالله سوف يخفف ذلك جدًا من معاداتهما لالتزامك وليكن غلام قصة أصحاب الأخدود قدوة حسنة لك فإنه كان يضربه الساحر إذا تأخر عند الراهب وإذا تأخر في طريق عودته ضربه أهله فقال له الراهب حلاً للمشكلة: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر» فقد كان حريصًا على طلب العلم والذهاب إلى رفقة الصلاح رغم أنه يُضرب ويؤذى ويعذب ومع ذلك كان حريصًا على الالتزام والسير في طريق الخير فأحسن إلى من حولك، إلى والديك وإلى جيرانك وأقاربك فسوف تكون أحب إليهم من كل أحد والمحبة بيد الله I وإذا أحبك الله أحبك أهل السماء وأحبك أهل الأرض بتوفيق الله Y وأنا أعلم رجالاً ونساءً كانوا يأتون يشتكون من أبنائهم أو بناتهم الذين التزموا، فهم لا يريدون أن تنتقب الفتاة ولا يريدون الولد أن يلتحي ولا يريدون أن يسلك طريق الالتزام يقولون كفاكم أنكم تصلون لا أقول لك لا تصل ولا تصم صم وصل لكن ابتعد عن هؤلاء ويأتون متصورين أن طاعة الأب والأم مقدمة على طاعة الله U فيظنون أني سأقول لهم أن احلقوا لحاكم، أو تترك المرأة حجابها فيستفتون في ذلك فآخذ الأب أو الأم بعيدًا عن هذا الولد بعد أن أنصح الأخ بمزيد البر في ما لا يخالف الالتزام... فأقول للأب أو الأم: أي أولادك أحب إليك؟ فيقول فلان أو فلانة للابن الملتزم أو البنت الملتزمة فهم أكثر الناس محبة لهم رغم أنه يشدد عليهم أكثر من باقي الإخوة والأخوات لأن المحبة بيد الله وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء... فلا تجعل المنـزل حجة وإنما اجتهد في أن تكسب هذا المنـزل... وأكثر من الدعاء لهم والتضرع لله تعالى.
فهذه بعض الأمور التي أحببنا أن نشير إليها في موانع الالتزام عند الكثيرين ونسأل الله U أن يغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا وإسرافنا في أمرنا وأن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يثبت قلوبنا على دينه.أحمد ابن الشيخ علي أبو علي